responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 215
وَالْإِنْجِيلَ» تَكْرِيرُ قَوْلٍ لَا مَعْنَى لَهُ، وَاللَّهُ سبحانه وتعالى أعز وأجل أَنْ يُخَاطِبَ عِبَادَهُ بِمَا لَا يُفِيدُهُمْ بِهِ، (قلت) ومن الدليل على أنه جبرائيل ما تقدم من أَوَّلِ السِّيَاقِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ بِرُوحِ الْقُدُسِ بالروح المقدسة، كما تقول: حَاتِمُ الْجُودِ وَرَجُلُ صِدْقٍ وَوَصْفُهَا بِالْقُدُسِ كَمَا قَالَ: وَرُوحٌ مِنْهُ فَوَصْفُهُ بِالِاخْتِصَاصِ وَالتَّقْرِيبِ تَكْرِمَةٌ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ لَمْ تَضُمَّهُ الْأَصْلَابُ وَالْأَرْحَامُ الطَّوَامِثُ وقيل بجبريل، قيل بِالْإِنْجِيلِ كَمَا قَالَ فِي الْقُرْآنِ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا [الشُّورَى: 52] وَقِيلَ: بِاسْمِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ الذِي كان يحيي الموتى بذكره فتضمن كَلَامُهُ قَوْلًا آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ رُوحُ عِيسَى نَفْسِهِ الْمُقَدَّسَةُ الْمُطَهَّرَةُ، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي قوله تعالى:
فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ إِنَّمَا لَمْ يَقِلْ وَفَرِيقًا قَتَلْتُمْ، لِأَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ وَصْفَهُمْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَيْضًا لِأَنَّهُمْ حَاوَلُوا قَتْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسُّمِّ وَالسِّحْرِ وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ: «مَا زَالَتْ أَكْلَةُ خَيْبَرَ تُعَاوِدُنِي فَهَذَا أَوَانُ انْقِطَاعِ أَبْهَرِي» (قلت) وهذا الحديث في صحيح البخاري [1] وغيره.

[سورة البقرة (2) : آية 88]
وَقالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَا يُؤْمِنُونَ (88)
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ أو سعيد، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ أَيْ فِي أَكِنَّةٍ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَقالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ أَيْ لَا تَفْقَهُ. وَقَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَقالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ هي القلب الْمَطْبُوعُ عَلَيْهَا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَقالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ عليه غِشَاوَةٌ وَقَالَ عِكْرِمَةُ: عَلَيْهَا طَابَعٌ، وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: أَيْ لَا تَفْقَهُ، وَقَالَ السُّدِّيُّ يَقُولُونَ عليه غِلَافٌ، وَهُوَ الْغِطَاءُ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: فلا تعي ولا تفقه، قال مجاهد وقتادة: وقرأ ابن عباس غلف، بضم اللام، وهو جمع غلاف، أي قلوبنا أوعية كل علم فلا تحتاج إلى علمك، قاله ابن عباس وعطاء بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ أي طردهم الله وأبعدهم من كل خير فَقَلِيلًا ما يُؤْمِنُونَ قال قتادة: معناه لا يؤمن منهم إلا القليل وَقالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ هُوَ كَقَوْلِهِ وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ [فُصِّلَتْ: 5] وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ في قوله غلف، قال: تقول قلبي في غلاف فلا يخلص إليه مما تقول شيء، وقرأ وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ [فصلت: 5] وهذا الذي رجحه ابن جرير، واستشهد بما رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجَمَلِيِّ عن أبي البحتري، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: «الْقُلُوبُ أَرْبَعَةٌ» فَذَكَرَ مِنْهَا «وَقَلْبٌ أَغْلَفُ مَغْضُوبٌ عَلَيْهِ وَذَاكَ قَلْبُ الْكَافِرِ» .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَرْزَمِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: قُلُوبُنا غُلْفٌ قَالَ: لَمْ تُخْتَنْ، هَذَا الْقَوْلُ يَرْجِعُ مَعْنَاهُ إِلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ عَدَمِ طَهَارَةِ قُلُوبِهِمْ وَأَنَّهَا بَعِيدَةٌ مِنَ الْخَيْرِ. قَوْلٌ آخَرُ- قال الضحاك عن ابن عباس

[1] صحيح البخاري (مغازي باب 83) .
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 215
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست